الاهتمام بالتصنيفات العالمية للجامعات هل ما زال خياراً؟

بالرغم من عدم وجود تصنيف عادل أو موضوعي للجامعات، غير متحيز للدول المتقدمة ذات الإمكانيات المادية الكبيرة والتأثير العالمي، إلا أنّ الاهتمام بها أصبح عالمياً والاستخدام الحكيم لهذه التصنيفات يمكن أن يشكل وسيلة جديدة لدفع التغييرات الإيجابية داخل المؤسسات التعليمية. لذا فإنّ اعتماد أي جامعة على سمعتها في الوطن أو المنطقة كمؤشر وحيد على تقدمها وجودة مخرجاتها أصبح طريقة لتجنب المنافسة ووصفة للجمود على المستوى الأكاديمي والبحث العلمي. فهل الاهتمام بهذه التصنيفات ما زال خياراً لصناع القرار الجامعي في الجامعات الأردنية؟ قد يجد البعض مبررات لتأخير اتخاذ هذا القرار والذي اتخذته الأردنية منذ عدة سنين.
المطّلع على هذه التصنيفات يُدرك أنّ عالمية الجامعات تُقاس بمعايير متعددة من أهمها- وقد يكون المعيار الوحيد في كثير من التصنيفات- إسهاماتها في مجال البحث العلمي المقروء عالمياً. هذا المعيار يقاس بعدد البحوث المنشورة للجامعة نسبةً لعدد أعضاء هيئة التدريس وعدد الاستشهادات العلمية التي نالها كل بحث أو كل عضو هيئة تدريس خلال مدة معينة، عادةً ما تكون آخر خمس سنوات.
المطّلع أيضاً على التفاصيل يُدرك أن هذه التصنيفات لا تُرصِّد للجامعة لأغراض التصنيف إلا الأبحاث المنشورة في قواعد المجلات العالمية، وخاصة قاعدة البيانات (Scopus) ، ولا تأخذ بعين الاعتبار إلا الاستشهادات التي يكون مصدرها نفس هذه القاعدة. وبالرغم من أنّ ذلك يُعدّ ظلماً للجامعات العربية، والجامعة الأردنية إحداها، كون كثيراً من بحوثها القيّمة في العلوم الاجتماعية والإنسانية لا ترصّد لها حالياً لأنها منشورة في مجلات عربية غير معتمدة في قاعدة المجلات (Scopus)، إلا أنّ إدراك ذلك والتكيّف مع هذه المعايير من أهم خطوات التحسن على سلم هذه التصنيفات. أصحاب القرار الجامعي يدركون حالياً أهمية اتخاذ قرارات مؤثرة وقد لا تكون سهلة وشعبوية تساهم في زيادة الإنتاج العلمي المقروء عالمياً وزيادة مدى تأثيره والاستشهاد به. كون قاعدة (Scopus) لا تشترط لغة نشر معينة ويمكن، عند تحقيق بعض الشروط، إدراج مجلات بحثية عربية، فالعمل يجري حالياً لإدراج مجلات الجامعة الاردنية والمجلات الوطنية الأردنية فيها. لا بُدّ أيضاً من معاملة مجلات هذه القاعدة ضمن مجلات الفئة الأولى لأغراض الترقية. ليس سراً إذاً أنّ إعادة دراسة تعليمات ترقية أعضاء هيئة التدريس في الكليات العلمية والإنسانية وتعليمات تصنيف المجلات المعتمدة للترقية وتفعيل تعليمات الاستمرار بالنشر العلمي أثناء خدمة الجامعة من أهم ما يشغل صنّاع قرار الجامعة الأردنية. إنّ اشتراط النشر العلمي على طلبة الدراسات العليا لزيادة استفادة الطلبة والجامعة من هذه البرامج خطوة رائدة اتخذتها الأردنية في الاتجاه الصحيح.
بقي أن نقول أنّ التقدم على سلم التصنيفات العالمية يرتكز بالأساس على تفهم وتعاون أعضاء الهيئة التدريسية والباحثين لأهمية التركيز على زيادة معدلات نشر بحوثهم في المجلات العالمية والتعرف على طرق زيادة معدل الاستشهاد بتلك البحوث. دعم هؤلاء الباحثين معنوياً من خلال تصنيف باحثي الأردنية الذي يُكرِّم أكثرهم نشراً واستشهاداً ومادياً من خلال الجوائز المتعددة واجب تكفّلت به الأردنية.

الأستاذ الدكتور فالح السواعير

مدير مركز الأعتماد وضمان الجودة

http://www.talabanews.net/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%87%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%86%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D8%B2%D8%A7%D9%84-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D9%8B%D8%9F#.Vg0I8uyqqko